الإمبراطور الروماني أغسطس هو أول إمبراطور روماني، حيث قاد أغسطس عملية تحول روما من جمهورية الى إمبراطورية خلال سنوات الإضطراب التى أعقبت إغتيال عمه الكبير ووالده بالتبني يوليوس قيصر، ونجح أغسطس بذكاء في الجمع بين القوة العسكرية وبناء المؤسسات ووضع القوانين ليصبح الحاكم الوحيد القوي لروما، كما أنه صاحب الفضل في وضع الأسس التي إستند عليها السلام الروماني الذي استمر لمدة 200 عام، وقد أستمرت الإمبراطورية الرومانية التي أسسها أغسطس لما يقرب من 1500 عام .
من هو الإمبراطور الروماني أغسطس ؟
من أسماء ومشروعات أغسطس العديدة، يؤيد المؤرخون ثلاثة منهم، لكل منهم مرحلة مختلفة في حياة الإمبراطور، ومنذ ولادته في عام 63 قبل الميلاد كان يلقب بـ "أوكتافيوس"، وبعد إعلان تبنيه في 44 قبل الميلاد أصبح "أوكتافيان"، وإبتداء من 26 قبل الميلاد، منحه مجلس الشيوخ الروماني إسم أغسطس .
ولد جيوس أوكتافيوس ثورينوس في فليتري، على بعد 20 ميلاً من روما، وكان والده سناتور وحاكمًا في الجمهورية الرومانية، وكانت أمه أتاي إبنة أخت قيصر، وكان أوكتافيوس الصغير قريبا من جدته جوليا سيريس، شقيقة قيصر، وإرتدى أوكتافيوس علامة توغا، وهي علامة الرومان الدالة على الرجولة في سن السادسة عشرة ، وبدأ يتحمل المسئوليات من خلال علاقاته العائلية في عام 47 قبل الميلاد، وذهب إلى إسبانيا للقتال إلى جانب قيصر، وغرقت سفيتنه أثناء الرحلة، وإضطر إلى عبور أراضي العدو للوصول إلى عمه الكبير ، وأثار أغسطس إعجاب قيصر بما يكفي ليشير إلى أوكتافيوس وريثه وخلفه في وصيته .
أغسطس والطريق إلى السلطة :
كان أوكتافيوس البالغ من العمر 17 عامًا في أبولونيا (في ألبانيا الحالية) عندما وصل خبر وفاة قيصر ووراثه الخاص، وإحتشد حلفاء الحاكم المتوفي، بما في ذلك العديد من أعضاء مجلس الشيوخ، حول أوكتافيان ضد منافسهم القوي مارك أنتوني ولكن بعد أن هزمت قوات أوكتافيان جيش أنطونيو في شمال إيطاليا، رفض الإمبراطور المستقبلي رفضاً شاملاً لأنتوني، مفضلاً تحالفًا غير مستقر مع منافسه .
وفي عام 43 قبل الميلاد أسس أوكتافيان وأنتوني وماركوس إيميلوس لابيدوس إتفاق تريفي رفات الثاني، وهو إتفاق تقاسم السلطة الذي قسم روما الى أقاليم فيما بينها، حيث تولى أنتوني الشرق والليبيدو إفريقيا وأوكتافيان الغرب، وفي عام 41 قبل الميلاد، بدأ أنتوني تحالفًا رومانسيًا وسياسيًا مع كليوباترا، ملكة مصر، والذي إستمر حتى بعد أن أجبر مرسوم جمهوري أنتني على الزواج من شقيقة أوكتافيان أوكتافيا مينور، وبقي لابيدوس شخصية ثانوية حتى أخرجه أوكتافيان أخيرا بعد التجديد الثلاثي في 37 قبل الميلاد .
وأستمرت علاقة أنتوني مع كليوباترا، وفي 32 قبل الميلاد طلق أوكتافيا، وردا على ذلك، أعلن أوكتافيان الحرب على كليوباترا، وفي معركة أكتيوم البحرية بعد عام واحد، قام أسطول أوكتافيان، تحت قيادة الأدميرال أجريبا، بحصار سفن أنتوني وهزمها، وتسابقت بحرية كليوباترا لمساعدة حليفها ، ولكن في النهاية نجا الحبيبان بالكاد، وعادوا إلى مصر وإنتحروا سويا، تاركين أوكتافيان كحاكم روما بلا منازع .
فترة حكم الإمبراطور الروماني أغسطس :
المؤرخون يقومون بتأريخ بداية الملكية لأوكتافيان إلى 31 قبل الميلاد "الإنتصار في أكتيوم" أو 27 قبل الميلاد، وعندها تم منحه إسم أغسطس، وخلال تلك السنوات الأربع، أمّن أوكتافيان حكمه على جبهات متعددة، وسمح لقوات كليوباترا بدفع جنودها، وتأمين ولائهم، وكان يعمل الإمبراطور الروماني أغسطس على تمهيد مجلس الشيوخ في روما وطبقاتها الحاكمة، كما إنه أقر القوانين التي تعيده على الأقل على السطح، ولإكتساب مودة الشعب الروماني، عمل على تحسين وتجميل مدينة روما .
وخلال فترة حكم الامبراطور الروماني أغسطس التي استمرت 40 عامًا، ضاعف أغسطس تقريبًا حجم الإمبراطورية، مضيفًا مناطق في أوروبا وآسيا الصغرى، وأمن التحالفات التي منحته حكمًا فعالًا من بريطانيا إلى الهند، وأمضى معظم وقته خارج روما، ودمج السلطة في المقاطعات، وقام بإنشاء نظام للتعدادات والضرائب التي دمجت أبعد الإمبراطوريات، وقام الإمبراطور الروماني أغسطس بتوسيع شبكة الطرق الرومانية، وأسس الحرس والخدمة البريدية الرومانية وأصبحت روما الكبرى (منتدى جديد) كما إنه لم ينسى الإيماءات العملية مثل (الشرطة وإدارات مكافحة الحرائق) .
حياة أغسطس الأسرية :
تزوج أغسطس ثلاث مرات، وكانت أول زوجة له هي كلوديا بولتشرا، وحملت منه زوجته الثانية، سكريبونيا، طفلته الوحيدة والتي سميت "جوليا الكبرى"، وطلق الإمبراطور الروماني زوجته الثانية في 39 قبل الميلاد ليتزوج من ليفيا دروسيلا، التي كان لها ولدين وهم تيبيريوس ودروس من قبل زوجها الأول، حليف مارك أنطونيو تيبيريوس كلاوديوس نيرو، وهنا أصبحت شجرة العائلة أكثر تعقيدا بعد أن تزوج تيبيريوس من إبنته، ثم تبنّى الإمبراطور تيبيريوس كإبن وخلف له في 4 ميلاديا .
وتوفي الإمبراطور الروماني أغسطس قيصر في 14 ميلاديا، وترك الإمبراطورية في سلام، وكانت كلماته الأخيرة المذكورة ذات شقين حيث قال "لقد وجدت روما من الطين وأتركها لكم الآن من الرخام"، وأخذ يقول إلى أصدقاءه الذين بقوا معه في صعوده إلى السلطة "هل لعبت الجزء الخاص بي جيدا؟، لا تنسوا أن تصفقوا لي عندما أغادر"، وبعد فترة وجيزة من وفاته، أعلن مجلس الشيوخ الروماني رسميا أن إمبراطورهم الراحل ، مثل يوليوس قيصر من قبله كان رمزا مقدساً لدى الإمبراطورية الرومانية .