بين الحين والآخر يصيب الوباء نوعا ما في مكان ما في العالم، وفي بعض الأحيان تكون هذه مجرد طريقة لمساعدة الحياة البرية على البقاء في حالة توازن، ومع ذلك، فإن بعض الأوبئة تضرب بهذه السرعة وبطريقة غامضة ولها عدد كبير من الوفيات لدرجة أنها تترك العلماء في حيرة من أمرهم بشأن أسباب انتشار الأمراض وكذلك العلاجات الممكنة، وعلى مدى عقود كان الباحثون يبحثون في بعض أكثر الأمراض إثارة للقلق التي تصيب أنواعا متنوعة مثل الضفادع وشياطين تسمانيا ونجوم البحر.
1- متلازمة الأنف الأبيض قتلت الخفافيش في الحياة البرية:
قتلت متلازمة الأنف الأبيض الخفافيش في الحياة البرية على مدار العقد الماضي حيث مات أكثر من 5.7 مليون شخص في النصف الشرقي من أمريكا الشمالية بسبب هذا المرض، والسبب هو الفطر العفني المدمر وهو فطر أوروبي محب للبرد ينمو على أنف وفم وأجنحة الخفافيش أثناء السبات في الحياة البرية، وتسبب الفطريات الجفاف وتؤدي إلى استيقاظ الخفافيش بشكل متكرر وحرق احتياطياتها من الدهون المخزنة والتي من المفترض أن تستمر خلال فصل الشتاء.
والنتيجة هي الجوع، وعندما تصيب الفطريات كهفا لديها القدرة على القضاء على كل خفاش أخير، وتلعب الخفافيش دورا بيئيا مهما في مكافحة الحشرات والتلقيح، وهي حيوية للموائل الصحية لذا فإن فقدانها بالملايين أمر ينذر بالخطر، وظل العلماء يبحثون منذ سنوات عن حل لوقف انتشار وعلاج الخفافيش المصابة.
تم تطوير علاج جديد لمتلازمة الأنف الأبيض من قبل علماء الغابات الأمريكية سيبيل أميلون ودان ليندنر وكريس كورنليسون من جامعة ولاية جورجيا، حيث يستخدم العلاج بكتيريا المكورات رودوكراس والتي توجد عادة في تربة أمريكا الشمالية، وتزرع البكتيريا على الكوبالت حيث تخلق مركبات عضوية متطايرة تمنع نمو الفطريات، وتحتاج الخفافيش فقط إلى التعرض للهواء الذي يحتوي على المركبات العضوية المتطايرة.
ولا يجب تطبيق المركبات مباشرة على الحيوانات، وقد اختبرت خدمة الغابات الأمريكية العلاج على 150 خفاشا هذا الصيف وحققت نتائج إيجابية، وإذا تم علاجها في وقت مبكر بما فيه الكفاية يمكن للبكتيريا أن تقتل الفطريات قبل أن تكتسب موطئ قدم في الحيوان، ولكن حتى الخفافيش التي تظهر بالفعل علامات متلازمة الأنف الأبيض تظهر مستويات أقل من الفطريات في أجنحتها بعد العلاج، لذا فإن المستقبل يبعث على الأمل في علاج الخفافيش من هذه المشكلة المدمرة.
2- مرض فطر الأفعى يقتل الثعابين في البرية:
كانت هناك تقارير عن هذا المرض الغريب منذ بضع سنوات، ولكن منذ عام 2006، كان في ازدياد، ومرض فطري الأفعى هو عدوى فطرية تصيب الثعابين في الحياة البرية في شرق ووسط غرب الولايات المتحدة، ولسوء الحظ، فقد أثر ذلك على أفعى الأخشاب المهددة بالإنقراض و أفعى مسساجا الشرقية المهددة بالانقراض بالإضافة إلى الأنواع الأخرى.
ويشعر الباحثون بالقلق من أنه قد يتسبب في انخفاض أعداد الثعابين في الحياة البرية ونحن لا نعرف ذلك حتى الآن، ولا يعرف الكثير عن الفطر الذي يسبب المرض، وإن الفطر يزدهر جيدا في التربة ويبدو أنه راض تماما عن التهام الحيوانات والنباتات النافقة، وما لا يعرفونه هو سبب مهاجمة الثعابين الحية، ولكنهم يشتبهون في أنها في الغالب انتهازية، وبعد خروج الثعابين من السبات يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تبدأ أجهزتها المناعية في التحرك بسرعة قصوى، وهذا هو الوقت المثالي لتنقل الفطريات وتتغذى على حراشفها.
معدل الوفيات مرتفع للغاية في الأفاعي الجرسية الخشبية وقد كان قاتلا بين الثعابين المصابة في الحياة البرية، وتسبب هذا المرض في انخفاض بنسبة 50 في المائة في أعداد أفعى الأخشاب بين عامي 2006 و 2007 فقط، وليس معروفا تماما تأثيره على أنواع الثعابين الأخرى، ومن الصعب حقا تتبعه بالنظر إلى الحياة الإنفرادية والخفية التي تعيشها الثعابين في الحياة البرية بشكل عام.
ويعتقد الباحثون أنه بينما من المعروف أنه موجود في تسع ولايات، إلا أنه قد يكون أكثر انتشارا مما نعتقد، والأسوأ من ذلك هو أن تغير المناخ قد يسرع من انتشاره لأن الفطريات تفضل الطقس الأكثر دفئا، وبدون فصول الشتاء الباردة لإبطاء المرض يتسابق العلماء مع الزمن لمعرفة كيفية علاجه وكذلك كيفية منعه من الإنتشار.
3- داء الفطريات العاشقة للبرودة تقتل الضفادع في الحياة البرية:
توضح منظمة حماية الضفادع الأمر بصراحة من حيث تأثيره على التنوع البيولوجي في الحياة البرية، ومن المحتمل جدا أن يكون داء الفطريات العاشقة للبرودة أسوأ مرض في التاريخ المسجل، وفي الواقع لديهم وجهة نظر، والمرض مسؤول ليس فقط عن الإنخفاض الكبير في أعداد الضفادع في جميع أنحاء العالم في الحياة البرية، ولكن أيضا عن انقراض العديد من أنواع الضفادع في العقود القليلة الماضية وحدها.
وتأثر حوالي 30 في المائة من أنواع البرمائيات في العالم بهذا المرض، وهذا المرض المعدي ناتج عن فطريات حيوانية غير نباتية، وإنه يؤثر على الطبقات الخارجية من الجلد وهو مميت بشكل خاص للضفادع، ومن خلال إعاقة هذه الوظائف يمكن للمرض أن يقتل الضفدع بسهولة وسرعة من خلال السكتة القلبية وفرط التقرن والتهابات الجلد وغيرها من المشاكل.
اللغز وراء المرض هو أنه يحدث في أي مكان ولكن ليس في كل مكان يوجد الفطر، وفي بعض الأحيان ينجو السكان من تفشي المرض بينما يعاني الآخرون من معدل وفيات بنسبة 100٪، ويتم حاليا البحث عن اكتشاف سبب وكيفية حدوثه بالضبط الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى توقع حالات تفشي جديدة ومنعها، وما يتم البحث عنه أيضا هو بالضبط كيفية انتشار الفطريات في البيئة بمجرد وجودها هناك، ولكن هناك قدرا كبيرا من الأدلة على أنها تنتهي في مواقع جديدة من خلال أفعال بشرية، بما في ذلك تجارة الحيوانات الأليفة الدولية من خلال تصدير البرمائيات للاستهلاك البشري وتجارة الطعم ونعم حتى التجارة العلمية، ولا يوجد إجراء فعال للسيطرة على المرض في المجموعات البرية حتى الآن على الأقل لا شيء يمكن زيادته لحماية مجموعة كاملة من الضفادع، وهناك بعض الخيارات التي يتم اختبارها للسيطرة على الفطريات، ولكنها تتطلب الكثير من الوقت والعمالة بحيث لا يمكن توسيع نطاقها.
4- متلازمة هزال نجم البحر في الحياة البرية:
متلازمة هزال نجم البحر مرض ظهر كأوبئة في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، ومع ذلك فإن الطاعون الأخير الذي بدأ في عام 2013 فاجأ العلماء بسبب سرعة انتشاره ومدى انتشاره في الحياة البرية على طول ساحل المحيط الهادئ من المكسيك إلى ألاسكا وقد أثر مرض الهزال على 19 نوعا من نجوم البحر بما في ذلك القضاء على ثلاثة أنواع من بعض المواقع، وبحلول صيف عام 2014 تأثر 87 في المائة من المواقع التي شملها المسح من قبل العلماء، وإنه أكبر انتشار للأمراض البحرية يتم تسجيله على الإطلاق.
ينتشر مرض الهزال عن طريق الإتصال الجسدي ويهاجم جهاز المناعة، ثم تصاب نجوم البحر بعدوى بكتيرية تؤدي إلى إصابات ثم تسقط أذرعها ثم تتحول إلى أكوام من الهريسة، ويمكن أن يحدث الموت في غضون أيام قليلة من ظهور الآفات، وأمضى العلماء شهورا في البحث عما كان يحدث وحددوا أخيرا الجاني وهو فيروس أطلقوا عليه اسم فيروس دينسو المرتبط بنجم البحر، وعندما حاول الباحثون معرفة من أين أتى الفيروس علموا أن نجم بحر الساحل الغربي كان يتعايش مع الفيروس منذ عقود، ولقد اكتشفوا الفيروس في عينات نجم البحر المحفوظة منذ أربعينيات القرن الماضي.
لا يزال العلماء لا يعرفون سبب حدوث مثل هذا التفشي الكبير فجأة في الحياة البرية إذا كانت نجوم البحر تتعامل مع الفيروس لفترة طويلة، ويعد ارتفاع درجة حرارة الماء أو التحمض من الأسباب المحتملة، وأما بالنسبة للعلاجات فقد لاحظ العلماء أنه من الممكن أن ينمو مخزون مقاوم من نجوم البحر في أحواض السمك والذي يمكن أن يوفر دعما في حالة انخفاض عدد الأنواع بما يكفي لتصبح مهددة، وهذا هو المكان الذي يركز فيه العلماء اهتمامهم، وعلى كيف يمكن لنجوم البحر تطوير مقاومة للفيروس لحماية الأجيال القادمة من هذه الحيوانات المهمة بيئيا، ومن المثير للإهتمام أن نجم الخفافيش والنجم الجلدي يبدوان مقاومين للمرض، لذلك قد يكون موضع اهتمام الباحثين الذين يبحثون عن أدلة.
5- سرطان الوجه المعدي قتلت شياطين تسمانيا في الحياة البرية:
أدى سرطان الوجه المدمر إلى هلاك سكان شياطين تسمانيا على مدار العشرين عاما الماضية في الحياة البرية، ويشكل السرطان أوراما حول الوجه والرقبة مما يجعل من الصعب على شياطين تسمانيا الأكل وعادة ما يموتون في غضون أشهر من ظهور السرطان، ولكن الجزء الذي يجعل الأمر مقلقا بشكل خاص هو أن هذا السرطان معدي، ويسمى مرض ورم الوجه الشيطاني، وقد لوحظ المرض لأول مرة في عام 1996، ولم يبدأ البحث حتى عام 2003 لاكتشاف أورام الوجه بالضبط وكيفية علاجها، وبحلول عام 2009 تم إدراج الشيطان التسماني على أنه معرض للخطر.
المرض واحد من أربعة أنواع من السرطانات المعدية المعروفة التي تحدث بشكل طبيعي، وينتقل مثل مرض معدي بين الأفراد من خلال العض والتلامس الوثيق ولا يزال الباحثون يحاولون معرفة بالضبط كيف ينتشر السرطان بين الشياطين، وأي علاجات ممكنة، وتم اكتشاف أربع سلالات على الأقل من السرطان مما يعني أنه يتطور ويمكن أن يصبح أكثر فتكا، وبينما يكافح الباحثون للعثور على سبب المرض يكافح دعاة الحفاظ على البيئة للحفاظ على حياة شيطان تسمانيا كنوع في الحياة البرية، وقد يتعاون المرض قليلا، وأظهر بحث جديد أن المرض قد يتحول للسماح لشياطين تسمانيا المصابة بالعيش لفترة أطول من أجل العثور على المزيد من المضيفين، والحيوانات وأمراضها تتطور وما نتوقع حدوثه هو أن العائل في هذه الحالة شيطان تسمانيا سيطور مقاومة ويحمل المرض وسيتطور المرض حتى لا يقتل مضيفه تماما.
6- تسمم الدم النزفي يقتل ظباء سايغا في الحياة البرية:
حسنا، ربما يكون تعفن الدم النزفي هي النتائج الأولية لفريق من العلماء الذين يحاولون معرفة سبب مقتل 134000 من ظباء السايغا المهددة بالإنقراض حوالي ثلث سكان العالم في غضون أسبوعين في وقت سابق من هذا العام، وهذه ضربة كبيرة للأنواع التي تراجعت بالفعل بنسبة 95 في المائة في 15 عاما فقط في الحياة البرية بسبب الصيد الجائر وفقدان الموائل وعوامل أخرى، وأن يكون لديك مرض غامض يقتل الكثير من السكان المتبقين هو أمر مدمر، وأصاب المرض في موسم الولادة وماتت الأمهات والعجول بالآلاف.
في البداية اعتقد العلماء أن سبب الوفاة هو داء الباستوريلوس الذي تسبب في وفاة جماعية للسايغا في عام 2012، ومع ذلك اعتقد ستيفن زوثر أنه قد يكون هناك المزيد من هذا اللغز، وقام هو وفريقه بجمع عينات من الماء والتربة والعشب وتحليلها في مختبرات في المملكة المتحدة وألمانيا، وفي نتائجه الأولية يعتقد أن سبب الوفاة هو تسمم الدم النزفي وهي بكتيريا تنتشر عن طريق القراد وتنتج سموما مختلفة، ولم يتم تأكيد سبب الوفاة هذا تماما، لكن العلماء يعملون بأسرع ما يمكن للتأكد من أنهم يعرفون بالضبط سبب الوفاة والأهم من ذلك منع حدوث مثل هذه الوفاة الجماعية مرة أخرى.